الإعجاز المعرفي في أقوال و أفعال محمد صلى الله عليه و سلم

من طرف **طلو صبيا** الأحد ديسمبر 14, 2008 1:48 am

الإعجاز المعرفي في أقوال و أفعال محمد صلى الله عليه و سلم
************************
بسم الله الرحمن الرحيم
**************************

الحديث الأول: في التربية و التأقلم الوظيفي لجسم الإنسان
وَعَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ : «لاَ تَكُونُوا إمَّعَةً، تَقُولُونَ: إنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا، وَإنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ، إنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وَإنْ أَسَاؤُوا أَنْ لاَ تَظْلِمُوا». رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.
التفكر في الحديث الشريف:
إذا تفكرنا في قول الحبيب نجد بأنه يقول لنا بأن لا نكون إمعة، و الإمعة هو الذي يتبع الأمور بدون تفكر و تدبر لها. نستنتج إذا من هذا الحديث الشريف أهمية التفكر و التدبر لكل ما يسمع و يرى الإنسان و لكن السؤال هو: ما أثر التفكر على جسم الإنسان؟
يمكن معرفة الإجابة على هذا السؤال من سنة الله عز و جل في الأطفال، حيث نجد بأن المولى وضع سنتين رئيسيتين في الأطفال و هما كثرة اللعب و كثرة السؤال. حيث أن كثرة اللعب تعرض العظام و العضلات في جسم الطفل إلى ضغط ميكانيكي و الذي هو بمثابة الإشارة التي تحفز خلايا العظم و العضلات لإنتاج المزيد من مادة العظم و العضلات لاكتمال نضوجهما.
و في هذا الإطار نجد خطأ كبير في ممارسة معينة لكثير من الآباء و الأمهات و التي هي أنه عندما يريد الابن أو الابنة اللعب يقولوا لهم تعال و اجلس مع الكبار و لا تتحرك و استمع لما يقال. و هذا الأمر يقلل من لعب الطفل و بالتالي إلى ضمور في العظم و العضلات و عدم اكتمال نضجهما و إلى ضعف عام في صحة الطفل.
السنة الثانية التي وضعها الله عز و جل في الأطفال هي كثرة السؤال، فنجد الأطفال بأنهم يتفكرون في جميع ما يروه و يشاهدوه. وهذا التفكر يولد مجال كهرومغناطيسي في الدماغ البشري و الذي يحفز الخلايا العصبية في دماغ الطفل لإكمال الوصلات العصبية فيه و بالتالي إكمال نضج الدماغ. ومن هنا نفهم أهمية التفكر في الأمور حيث أن التفكر يزيد من ذكاء الإنسان.
و في هذا المجال نجد ممارسة خاطئة أخرى من الآباء و الأمهات في أنه عندما يسألهم أطفالهم عن أشياء معينة لا يقوم الآباء و الأمهات بإجابتهم و يقوموا بنهرهم، و الذي يولد عند الطفل خوف من السؤال و بالتالي الى عدم التفكر في الأمور مما يؤدي إلى ضمور في العقل و انخفاض ذكاء الطفل.

و بالتالي تلاحظ رحمة محمد صلى الله عليه و سلم بالناس في أنه يعلمهم سر كيفية زيادة ذكاء الإنسان و ذلك عن طريق التفكر و التدبر في الأمور.
الحديث الثاني: في تعلم علم الفلك
روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال: "النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد و أنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهبت أصحابي أتى أمتي ما يوعدون". مسند الأمام أحمد
التفكر في الحديث الشريف:
إذا تدبرنا قول الحبيب محمد في أن النجوم أمنة للسماء نجد بأن الحبيب يعلمنا وظيفة النجوم في السماء و هي أنها أمنة أي حافظة للسماء، وهذا يرتبط بقول الحق في سورة فصلت (آية 12) {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ }. حيث نجد بأن المولى يعلمنا بأن النجوم هي مصابيح أي تنتج ضياء و حفظا أي تحفظ السماء التي هي فيها.
فكيف نستطيع فهم قول الله و قول الحبيب في الحديث الشريف بأن النجوم أمنة و حفظا للسماء؟
إذا تفكرنا في أقرب النجوم للأرض و هي الشمس نجد بأن لها مجال جاذبية يؤثر على الكواكب في سمائها، بحيث أن القوة الناتجة من دوران الكوكب و التي تحاول دفع الكوكب إلى خارج مساره (قوة الطرد المركزية) تساوي بالمقدار و تعاكس بالاتجاه قوة جذب الشمس له و بالتالي تبقى الكواكب في أفلاكها. أي أن النجوم تحفظ الأجسام في أماكنها في السماء فهي أمنه للسماء أي حفظا لها.
فيعلمنا حبيبنا محمد في هذا الحديث الشريف وظيفة النجوم في السماء (أي علم الفلك). و إذا تفكرنا أيضا في قول الحبيب في أنه إذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد نجد هنا تعليم لنا عن نهاية دورة حياة النجوم و حال السماء يوم القيامة. حيث أن ذهاب النجوم يعني انتهاء حياة النجمة و بالتالي يعلمنا الحبيب أن النجوم لها بداية حياة و نهاية مثل الإنسان و هذه هي سنة المولى في خلقه.
فعند انتهاء عمر النجمة يطفئها الله عز و جل و هذا ما يذكره المولى في القرآن الكريم في سورة المرسلات (آية {فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ}، و عند انطفاء النجمة ينتهي مجال الجاذبية المتولد منها و بالتالي تتبعثر الكواكب في السماء بفعل قوة طردها المركزية و هذا أيضا يذكره المولى في قوله {وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ }الانفطار (2). فعند بعث الناس يوم القيامة و خروجهم من قبورهم و عندما ينظرون إلى السماء فإنهم يرون الكواكب مبعثره مثل الحجارة المبعثرة.
فقول الحبيب بأنه عند ذهاب النجوم يأتي السماء ما توعد أي وعد الله للناس بأن هناك يوم هو يوم القيامة و أنه سيبعثهم و يحاسبهم فيه و أن السماء ستنتهي إلى تبعثر الكواكب فيها بسبب انتهاء و طمس الله للنجوم.

الحديث الثالث: في إسراء الحبيب و معراجه و لم يبرد فراشه
التفكر في الحديث الشريف:
إذا تفكرنا في أن فراش الحبيب محمد لم يبرد عندما عاد إليه بعد إسرائه و معراجه نجد اكتشاف جميل جدا في العلاقة بين السرعة و الزمن، حين أن مصاحب محمد صلى الله عليه و سلم في رحلته كان جبريل عليه السلام، و جبريل ملك مخلوق من ضوء فإذا السرعة التي كان ينتقل بها الحبيب محمد مع جبريل عليه السلام كانت كبيرة جدا مقارنة بسرعة البشر على الأرض. فنلاحظ بأنه لو كان هناك مشاهد لهذا الأمر و هذا المشاهد كانت سرعته أقل من سرعة الحبيب لشاهده ينتقل بسرعة كبيرة و أن زمن الحبيب يبطأ و لكن زمن المشاهد يمر بسرعته المألوفة. فنتعلم من هذا بأنه عندما تزيد السرعة فإن الزمن يبطأ وهذا هو أساس النظرية النسبية التي بينها العالم الفيزيائي آينشتين للعالم في حوالي الخمسينيات.
فإذا تفكرنا في لو أنه عالم مسلم بين هذا الأمر قبل آينشتين عن طريق التفكر في سنة الحبيب و ليس فقط السرد لها لكانت جميع الدعاية و الأعلام اللذين حظي بهما آينشتين لكانتا في نشر القرآن و تعريف الناس بالحبيب محمد و إثبات صدق رحلته و معجزاته بدليل علمي حيث يمكننا إثبات هذه العلاقة بين السرعة و الزمن الآن بتجارب علمية. و لكن لا حول و لا قوة إلا بالله و كما يذكر المولى في كتابه {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً} الفرقان (30).
الحديث الرابع: في علم النفس
حدثنا عبد الله حدَّثني أبي ثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن ذر بن عبد الله الهمداني عن عبد الله ابن شداد عن ابن عباس قال : « جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، إني أُحدث نفسي بالشيء لأن أَخِرّ من السماء أحب إليّ من أن أتكلم به ، قال : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة » . (مسند الإمام أحمد)
التفكر في الحديث الشريف:
نجد في هذه القصة بأن رجل اشتكى إلى محمد صلى الله عليه و سلم بأنه يسمع أفكار في عقله و كأن نفسه تحدثه بهذا الأمر و تقول له أفكار هي آخر ما يريد أن يفكر به هذا الرجل مثل أفكار أن يؤذي نفسه و غيره، أفكار فيها تصورات بذيئة و بعيد عن نفس الإنسان، أفكار فيها تشكيك بالله و رسالته للناس و غيرها من الأفكار التي تبعث على القلق و الاضطراب النفسي. وهذا في زماننا هذا مثل ما يذهب إنسان إلى طبيب نفسي و يقول له بأنه يسمع أفكار في عقله تتسبب له بالقلق و الألم النفسي.
فإذا تفكرنا في جواب حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلم له نجد بأنه لم يقل له بأن لديه مرض نفسي مثلما يفعل الأطباء النفسيون الآن و لم يقل له بأن علاجه يكمن في تناوله لبعض الأعشاب ألمهدئه مثلما يفعل الأطباء الآن في صرف الأدوية ألمهدئه للذين لديهم اضطراب نفسي.
فإذا يعلمنا الحبيب محمد بأن تشخيص و علاج الاضطرابات النفسية لا يكمن في الحديث لساعات عن مشاكلك أو الجلسات بالصعقات الكهربائية أو بالحبوب المهدئة التي لها أعراض جانبية خطيرة مثل الإصابة بمرض السرطان. ولكن لأن الناس هجروا سنة الحبيب نجدهم في ألم و حسرة.
فمن التفكر في هذا الحديث يمكننا معرفة المسبب و العلاج للاضطرابات النفسية، في أن الحبيب محمد قال بأن المسبب لهذه الأفكار التي تؤدي إلى الألم النفسي هو الشيطان، فعلينا إذا معرفة ماهية الشيطان و كيفية تأثيره علينا لمعرفة تشخيص و علاج الاضطرابات النفسية.
هناك عدم معرفة عند الناس بشأن الشيطان و لا إدراك لكيفية تأثيره عليهم، و الكتاب الوحيد على وجه الأرض الذي يبين كيفية تأثير الشيطان على الإنسان هو القرآن الكريم عن طريق التفكر في آياته. فيمكن التعلم من القرآن الكريم أن لكل إنسان صوت نفس و هذا هو الصوت الذي ينطق به الإنسان و هو ذات الصوت الذي يسمعه الإنسان في عقله عندما يفكر مع نفسه بدون أن ينطق بالقول. و يمكن أيضا التعلم من القرآن الكريم أن لكل إنسان قرين أي شيطان موكل به من لحظة الولادة إلى لحظة الوفاة. و يعلمنا المولى كيفية تأثير هذا القرين على الإنسان في آية 64 من سورة الإسراء {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً }.
فيعلمنا الحق بأن قرين الإنسان (شيطانه) يستفز أي يخدع الإنسان بصوته أي أنه يتحدث إليك مثل ما يتحدث إنسان لآخر، و لكن السؤال الآن هو: أين هو صوت هذا الشيطان؟
يجيبنا الحق على هذا السؤال في آية 4 من سورة الناس {مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ }، فيعلمنا المولى بأن قرين الإنسان يتحدث إليه (الوسواس) و لكنه في ذات الوقت يتخفى منه أي يحاول أن لا يشعر الإنسان بوجوده (الخناس). فالطريقة الوحيدة لقرين الإنسان أن يحقق ذلك هو أن يطابق صوته مع الصوت الذي يفكر به الإنسان مع نفسه و يسمعه أفكار في عقله تبعث له على القلق و الألم النفسي و يعتقد الإنسان بأن نفسه تحدثه بهذه الأفكار و أنها صحيحة و لكنها في حقيقة الأمر هي من قرينه و أن جميع هذه الأفكار كذب و أنها مصممة للتسبب بالضيق و الألم النفسي للإنسان. بدليل أنها إذا كانت من عقل الإنسان لاستطاع أن يوقف التفكير بها عندما يريد لأن عقل الإنسان تحت تصرف الإنسان، فالإنسان يفكر عندما يريد هو أن يفكر مثلما أن الإنسان يتحرك عندما يريد أن يتحرك و لكن نجد الإنسان غير قادر على توقيف هذه الأفكار التي تتسبب للإنسان بالقلق و الألم النفسي.
و يعلمنا حبيبنا محمد الطريقة للعلاج من أفكار قرين الإنسان (شيطانه) في الحديث الشريف التالي:
حدّثنا يحيى بنُ بُكَيرٍ حدَّثنا الليثُ عن عُقَيلٍ عن ابنِ شهابٍ قال: أخبرني عروة بنُ الزُّبَيرِ قال أبو هريرةَ رضي اللهُ عنه: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يأتي الشيطانُ أحدَكم فيقول: من خَلَقَ كذا ؟ من خَلقَ كذا ؟ حتى يقول: من خَلقَ ربَّك ؟ فإذا بلَغَهُ فَليَسْتعِذْ باللهِ ولْيَنْتَهِ» (صحيح البخاري)
فمن تدبر هذا الحديث يتضح بأن حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلم يعلمنا بأنه إذا سمعنا أفكار في عقلنا من القرين فعلينا عمل التالي:
1. فليستعذ بالله: أي يذّكر الإنسان نفسه بأن مصدر هذه الأفكار هي قرينه و ليست نفسه و أنها لن تضره و أن الله لن يحاسبه عليها و لكن سيحاسبه فيما صدقها و عمل بها أم لا.

2. ولينته: أي أن لا يفكر بها و لا يعيرها اهتماما و يدرك بأن جميع الأفكار المحتواة في هذه الوساوس هي خاطئة و أن الهدف منها التسبب بالألم النفسي.
فنرى كيف أن حبيبنا محمد يعلمنا أفضل منهاج في الصحة النفسية.
ونرى في الأمثلة التي سبقت كيف أن الله عز و جل أرسل محمد صلى الله عليه و سلم رحمة للعالمين و يصف ذلك حبيبنا محمد في الحديث الشريف التالي:
وحدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَـٰنِ الْقُرَشِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ : «إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ أُمَّتِي كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَاراً. فَجَعَلَتِ الدَّوَابُّ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهِ. فَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ وَأَنْتُمْ تَقَحَّمُونَ فِيهِ» (صحيح مسلم)

زيد قاسم غزاوي

__________________

يا رب ان عظمت ذنوبي كثرة***فلقد علمت بان عفوك اعظم
ان كان لا يرجوك الا محسن***فمن الذي يدعو ويرجو المجرم
ادعوك ربي كما امرت تضرعا***فاذا رددت يدي فمن ذا يرحم
مالي اليك وسيلة الا الدعا *** وجميل عفوك ثم اني مسلم